المؤسسات الدينية تكافح المخدرات
عناصر المقال
تعددت واختلفت أسباب الإدمان على المخدرات بتعدد واختلاف البيئات والمجتمعات التي تنتشر فيها، ولطالما عرف أن لانتشار
المخدرات وترويجها أبعاد سياسية واقتصادية، وأنها تدخل ضمن أسلحة حروب الجيل الرابع، التي تستخدمها الدول المتنافسة
لتحطيم أرادات الشعوب، وتوجيه الضربات القاضية لأغلى ما يملكونه وهو البشر أنفسهم.
المؤسسات الدينية تكافح المخدرات
واستدعت تلك الحروب بجانب التنظيمات الدولية للاتجار في المخدرات، والتي لا تكل هي الأخرى جهدًا لاستهداف البلدان الآمنة
بالسموم من أجل تحقيق المكاسب المالية الضخمة، الكثير من الحكومات والأنظمة لدراسة تلك الظاهرة الخطيرة، في محاولة
منهم للوصول إلى آليات محددة لمواجهتها والتصدي لها، وإنقاذ مواطنيهم من الانزلاق في الإدمان عليها.
المؤسسات الدينية تكافح المخدرات
ووجدت الدراسات والأبحاث التي أجريت في ذلك الشأن، أن مكافحة المخدرات مثلما تحتاج إلى أجهزة وإدارات أمنية تختص بمتابعة
ورصد مصنعي ومهربي ومروجي المخدرات، فإنها تحتاج أيضًا إلى وسائل أخرى أطلق عليها القوى الناعمة، من أجل الحد من
استفحال المشكلة، بعدما تيقن الجميع أن أقوى الأجهزة الأمنية حول العالم لا تستطيع منع أكثر من 20 إلى 30% من كميات
المخدرات التي يستهدف إدخالها التجار والمهربين.
المؤسسات الدينية تكافح المخدرات
ومن ضمن أدوات القوى الناعمة لمكافحة انتشار المخدرات والإدمان عليها، وجدت المؤسسات الدينية، خصوصًا في البلدان الشرقية
والمعروفة بطابعها المحافظ وتمسكها بقيم وتعاليم الأديان.
وتلعب المؤسسات الدينية مثل المساجد والكنائس دورًا حيويًا باعتبار أن رجال الدين لهم قدسيتهم الخاصة، نظرًا لاضطلاعهم بصورة
أكبر على تعاليم وأحكام الأديان من غيرهم، والتي تنهى كلها عن تعاطي وإدمان المخدرات، بل تعتبر ذلك أمرًا محرمًا في شرائعها
يستوجب في بعض الأديان توقيع العقوبة على الفاعل، مثل شرب الخمر في الإسلام.
المؤسسات الدينية تكافح المخدرات
وتعتمد المؤسسات الدينية في اتصالها بالجماهير على نظام الاتصال المباشر، أي أن المعلومات التي يسوقها رجل الدين تكون على
مسمع ومرأى من الجميع، وبالتالي يكون وقعها أقوى وتأثيرها أشد، خصوصًا إذا كانت مدعمة ببعض الأسانيد مثل آيات القرآن الكريم
والأحاديث النبوية الشريفة في الإسلام، وأحكام وتعاليم الإنجيل والسيد المسيح مثلما هو الحال في المسيحية.
ويمكن القول كذلك بأن المؤسسات الدينية تعد من الملاجئ الجاذبة لكل من يعاني من حالات الفراغ النفسي، فكما هو معروف أن
الإدمان مرض ينتج عن بعض السلوكيات الخاطئة، والتي ترجع في الغالب إلى اصابة الشخص المدمن ببعض الاضطرابات النفسية،
بجانب أن للأمراض النفسية بعض الخواص التي تميزها، ومن أبرزها عزل الشخص المُصاب وانطواءه عن بقية المجتمع، وهنا قد لا
يجد الراحة أو السكينة إلا داخل السجد أو الكنيسة ويحول ذلك بينه وبين تجربة المخدرات، وربما الإدمان عليها.
المؤسسات الدينية تكافح المخدرات
ويمثل الوازع الديني ونفور الناس من ارتكاب المعاصي المخالفة لما ورد بالشرائع السماوية إطارًا يغلف من يتمسكون به بمناعة
مضادة للمخدرات وتعاطيها، فالأخلاق الحميدة والمواظبة المستمرة على أداء العبادات والبحث المستمر عن وسائل الابتعاد عن
الأمور المحرمة شرعًا يدفع إلى البعد كل البعد عن طريق المخدرات، كما ينقي العقول من الأفكار المحفزة لخوض بعض التجارب
الخطرة، ومن ضمنها استخدام المخدرات.
ويمكن القول بأن المؤسسات الدينية لو أحسن استغلال دورها بشكل صحيح فإن لها القدرة على تحصين أفراد المجتمع بشكل
صحيح وتوعيتهم بأضرار المخدرات، كما يمكن من خلالها زرع القيم والمعتقدات الصحيحة في نفوس الأطفال، بالإضافة إلى بث
الرسائل المهمة والمتعلقة بأضرار المخدرات الموجهة للشباب والكبار.
ويعني تدريب وتعليم وغرس عادات التمسك بالتعاليم الدينية في النفوس توجيه ضربات استباقية للمخدرات ومروجيها، كما يمكن
عن طريق المؤسسات الدينية إرشاد مرضى الإدمان وإقناعهم بمخاطر مرضهم وتوجيههم نحو علاج ادمان المخدرات، وحثهم فيما بعد على
استمرارية التعافي.